1. وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ
وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ .. وصفها كبار العلماء بأنها أسوأ
توقع نظرى فى تاريخ الفيزياء وسميت أحيانا بمشكلة الثابت الكونى أو بكارثة طاقة الفراغ ..
ولتبسيط الصورة فالثابت الكونى أو الطاقة المظلمة هى قوة توسع للفراغ (وليس فى
الفراغ) وهى مثل قوة الدفع اللازمة لإبقاء الكون فى حالة توازن ومعادلة قوة إنكماش
الجاذبية .. فالكون القابل للحياة هو كون يمثل توازن دقيق بين قوتان (التمدد
والجذب) كما فى الشكل الثالث فى الرسم أدناه أما الأول فيوضح طغيان قوة الجاذبية
وإنهيار كل شىء والثانى طغيان التمدد وتبعثر كل شىء أما الأخيرفهو الملائم لظهور
للحياة
2. إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ .. ولكى نقترب أكثر من فهم المشكلة نبدأ بسؤال بديهى : كيف تكون هناك طاقة فى
فراغ لا يحتوى على شىء ؟ هناك رسم طفولى رائع من صفحة ماثيو شتراشلر عالم الفيزياء
الكونية من جامعة هارفارد يوضح الفارق بين التصور الساذج للفراغ الساكن وبين حقيقة
أن ما نراه فراغاً هو عالم حى نابض بالتقلبات الكمية والجسيمات التى تظهر وتختفى
الى العدم وكل ذلك يتطلب حد أدنى من
الطاقة حتى فى حالة عدم وجود مادة مثل دقات قلب النائم اللازمة لإبقائه حياً –
والسؤال هنا ما هو مقدار الطاقة الذى نتحدث عنه ؟ - طبقا لنظرية الحقل الكمى (QFT) فالإجابة
هى حوالى 10^96 كجم للمتر المكعب ! والرقم خيالى فأنت تحتاج إلى 96 صفر بعد هذا الرقم أو كتابة تريليون 8 مرات لوصف تلك القيمة
.. هنا تظهر الكارثة على حد تعبير العلماء
!
3. سَنُرِيهِمْ
آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ .. الكارثة أنه
عندم تم تقدير حجم الطاقة فى الكون بكل ما فيها من مادة مرئية وغير مرئية تبين
أنها فى حدود 10^53 كجم من
الكتلة المكافئة ( لتخيل الأمر فالسنتيمتر المكعب الواحد يحتوى على
طاقة فراغ نظرية أكبر من إجمالى طاقة الكون بمضاعف يمثل رقم بجانبه 40 صفر! وعند
قسمة الكتلة المكافئة المرصودة (53^10 كجم) على
حجم الكون ( 10^80متر مكعب) للوصل إلى
كثافة الكون الحالية يصبح الناتج حوالى 10^-27 كجم للمتر المكعب .. وبحمع فارق العلامات العشرية بين الرقمين يكون
الناتج على نحو التقريب رقم مرفوعاً إلى أس 123 كجم للمتر المكعب تمثل فارق الكثافة
بين النظرية والواقع !
4. فَلا
أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ .. الدهشة لم تتوقف فعند قيام العلماء بحساب الكثافة الحرجة على مستوى
الكون (أو مقدار التوازن بين قوى الجذب والتمدد كما ذكرنا سابقا) فقد كان الناتج
مساوي تقريبا للكثافة الحالية للكون - وهنا تفجرت أمام العلماء مسألة الثابت
الكونى : كيف تأمرت قوتان منفصلتان على إنتاج الكثافة الحرجة وبدقة واحد على واحد
وبعدها 120 صفر ؟! .. لتخيل الأمر تصور قطار ينبغى أن يسير بسرعة محددة ليبقى
الركاب على قيد الحياة وعند قيام إحد المسافرين الأذكياء بحساب تلك السرعة تبين
أنها 60 كم وبعد ذلك قام الراكب برصد سرعة القطار فوجدها كذلك ! ولكن هناك خطأ ما
فكتيب مصنع القطار أمامه يؤكد أن سرعة القطار محددة ولاتتغير 180 كم !! واخيراً
تبين له السر عندما فحص حركة القضبان ووجدها تسير فى الإتجاه المعاكس بسرعة 120 كم
فى الساعة ! لنتخيل الأن صدمة هذا الراكب عندما يعلم أن تلك الأرقام ليست طبيعية بل هى
عدد الأصفار اللازمة لضبط قيمة السرعة الملائمة للحياة !!
5. وَمَا
خَلَقْنَا السّمَاوَاتِ وَالأرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَآ إِلاّ بِالْحَقّ .. لنأخذ الأمرأبعد قليلاً من الثابت الكونى
ولكن
علينا نبدأ بمقدمة قصيرة
- ثابت بلانك كمسطرة للأشياء :عندما قياس الأبعاد الفيزيائية (مثل الزمن
أو الطول أوالطاقة إلخ) يجب تعريف وحدة القياس أولا لتوحيد المعرفة بين المشاهدين ..
ولحسن الحظ فقد إكتشف فى بداية القرن العشرين مقياس طبيعى لا يخضع لأى تعريفات
بشرية وهو ثابت بلانك وبدون دخول فى تفاصيل فهو يمثل الحد الأدنى من وحدات بناء أى
بعد فيزيائى وبذلك يمكن إستخدام مضاعفات هذا الرقم كمدلول لقياس قيمة الأشياء من خلال
عدد مكوناتها التى لا يمكن تجزئتها (فيما بعد سنرى كيف أن هذا الثابت أفضل كثيرا
من الثوانى أو الأمتار التى نستخدمها وتشوه مفهومنا للأشياء)
- مقاييس الكون على مستوى
ثابت بلانك : لو طبقنا المفهوم السابق لقياس الأبعاد الرئيسية للكون
وهى : الزمن والطول والكتلة والطاقة لتبين لنا شىء فى منتهى الغرابة وهو أن تلك
الأبعاد مع إختلافها يمكن تجزئتها إلى نفس العدد من وحدات بلانك وبعلامة عشرية 60 (أى
رقم وبجانبه 60 صفر) .. ولكن لو نظرنا إلى بعد الحجم نجده مختلفاً كثيراً فهو مكون من وحدات تصل بعدد الأصفارالى حوالى 184 صفر! وقد يبدو الأمر مفهوما نوعا ما بإعتبار أن الحجم هو
مكعب الطول ولكنه لا يجيب عن سبب تماثل باقى الأبعاد مع الطول بدلا من الحجم - سنأتى
ذلك لاحقا
- مقاييس الكون فى
حالة إطلاق طاقة الفراغ : لنتذكر الجزء الخاص بطاقة الفراغ الرهيبة
فلو تصورنا وجود تلك الطاقة فى كل متر مكعب فى الكون وقدرنا قيمتها نصل إلى النتائج المبينة فى
الجدول الثانى ولتبسيط الأمور ليكن حديثنا على مستوى العلامات العشرية فمثلاً
فالمقدار الأسى للكتلة على مستوى الكون وهو 177 هو حاصل جمع حجم الكون x كتلة المتر المكعب (80+96 = 177 بالتقريب) ولإحصاء عدد وحدات
بلانك يتم قسمة ذلك الرقم على ثابت بلانك للكتلة وهو سالب -8 نصل إلى علامة عشرية حوالى
184 ولو أجرينا نفس الحساب بنفس على الطاقة سنصل إلى نفس النتيجة 184- للإيجاز
: لو أردت كتابة عدد وحدات الطاقة أو المادة فى هذا الكون فسوف تحتاج على الأقل
إلى رقم وبجانبه 180 صفر !
- الخلاف بين أبعاد الكون المرصود واأبعاد كون طاقة الفراغ : يمكن إيجاز موضوع الخلاف كالتالى :: فى كون إفتراضى تتمثل فيه
طاقة الفراغ فإن عدد الوحدات المكونة للحجم سوف تكون مساوية تقريبا للوحدات
المكونة للكتلة وكذلك الطاقة أى أن : الحجم = الطاقة = الكتلة ! ولكن فى الكون المرصود فالمشاهد هو الطول = الطاقة
= المادة وهو كمثل الفرق بين جسم له ثلاث أبعاد وجسم ذو
بعد واحد وبين أبعاد لها علامات عشرية 180 ونتائج أخرى بعلامات عشرية 60على نحو التقريب .. وفى
الجزء التالى سنلقى مزيدا من الضوء على ذلك الإختلاف ..
6. الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقًا مَا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِنْ تَفَاوُتٍ فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرَى مِنْ فُطُورٍ ..
- معنى أشهر المعادلات
الفيزيائية فى التاريخ : بينت معادلة الطاقة كمضروب
الكتلة فى مربع سرعة الضوء التكافىء بين الكتلة والمادة ومثل سعر صرف العملات فحتى تحول الطاقة إلى
مادة عليك أن تنفق وحدات تمثل مربع
سرعة الضوء والعكس صحيح فإن كنت تملك المادة يمكنك نظريا إطلاق وحدات من الطاقة
تعادل مربع سرعة الضوء.. ولكن كما رأينا قى الجزء الخاص بثابت بلانك فذلك التحويل
يتوقف على طريقة حساب الوحدات المشوهة بتعريفاتنا البشرية ولما كانت المكونات الأساسية
لكل من المادة والطاقة متساوية على مستوى الكون بعدد وحدات 10^60 .. فالأمر
يمكن تبسيطة إلى الطاقة = المادة (أى انه على مستوى ثابت بلانك فالعلاقة بين
الكتلة والمادة هى 1:1)
- سرعة
الضوء : ماذا عن مربع سرعة الضوء فى
المعادلة ؟ نحن نعرف أن السرعة تمثل وحدة المسافة أو الطول لكل وحدة زمن وكما
رأينا فى الطاقة والمادة فالطول والزمن لديهم نفس رقم المكونات
على مستوى الكون 10^60 وبالتالى فناتج
قسمتهم تؤدى أيضاً إلى 1 .. ومن ذلك يمكن أن نستنتج من المعادلة الشهيرة تماثل أخر
أوسع وهو الزمن = الطول = الطاقة = المادة ! (بالطيع علامة = تعنى التساوى فى نفس
البعد العشرى) وباتأكيد هناك العديد من الأسئلة
المفتوحة بجانب لغز الثابت الكونى مثل : لماذا البعد فى كوننا الحالى هو (الطول)
فقط مقارنة (بالحجم) فى حالة كون طاقة الفراغ ؟ وما الذى يجعل هناك تماثل من
الأساس بين تلك الأبعاد أو بعبارة أخرى ما الذى يجعل التوسع فى المكان سواء كان فى
بعد واحد مثل الطول أو بعد ثلاثى مثل الحجم مكافىء لأبعاد أخرى مثل الطاقة والكتلة
والزمان ؟
7. رَفَعَ
سَمْكَهَا فَسَوَّاهَا .. بتصوير موجز ومعجز وصفت الأية الكريمة كل شىء .. وبوصفنا البشرى المحدود يمكن تصور الأتى : لدينا كون يحتوى نظرياً على طاقة فراغ رهيبة بقوة جذب فى حدود رقم بقيمة 180 علامة عشرية مما نعرفة من أصغر وحدات القياس .. ولدينا
ثابت كونى بقوة تمددية فى الإتجاه المعاكس
للجاذبية وبقيمة علامة عشرية تبلغ 120 على نحو التقريب .. ولدينا كون مرصود مسطح يحتوى
على أبعاد كل شىء بقيمة عشرية 60تمثل الفرق أو التسوية العظمى بين
القيميتين وهو كما تبين لم يكن ضرباً بالمصادفة أولهوا بالأرقام ولكنها تسوية
دقيقة قدرت تقديراً لترى أعيننا القيمة الحرجة اللازمة لنشأة المجرات والنجوم
والحياة كما نعرفها .. وكذلك رأينا هذا التماثل العجيب بين أبعاد هذا الكون وبدون
تفاوت فى المقاييس الأولى للزمان والمكان والكتلة والمادة ..واخيرا وبالعودة إلى
الأسئلة المفتوحة فى الجزء السابق نزعم أن ما تقدم كان مجرد محاولة للوصف وليس للتفسير
فتلك الأيات الكونية كانت وستظل خارج نطاق القوانين
الطبيعة وإجتهاد العلماء لأن مجالها الحقيقى هو المعجز والباعث على
التفكر والتأمل فى أيات الله سبحانه وتعالى
--------------------------------------------------------------------------------------------
https://universe-review.ca/R15-12-QFT20.htm
https://en.wikipedia.org/wiki/Planck_units#Planck_energy
https://en.wikipedia.org/wiki/Cosmological_constant_problem#
https://profmattstrassler.com/articles-and-posts/particle-physics-basics/quantum-fluctuations-and-their-energy/
https://van.physics.illinois.edu/QA/listing.php?id=13892&t=schwarzschild-universe